مفهوم حفظ النعمة من الهدر يشير إلى استخدام النعمة بشكل مسؤول وتقدير قيمتها، دون إضاعتها أو إهدارها، يتعلق هذا المفهوم بعدة جوانب، بما في ذلك استخدام الموارد بشكل فعال، وتوفير الطاقة والماء، وتقليل النفايات، والاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها.

تأتي أهمية الحفاظ على النعم من صميم تعاليم ديننا الحنيف من خلال عدد من النصوص التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية.

ولنا في شواهد وأخبار الأمم والشعوب مع النعم من وفرتها لزوالها عبر العصور والأزمنة مواعظ وعبر يقف العقل حائراً مع بعضها.

يتصدر مشهد هدر النعمة بمختلف جوانبها الحياة العامة للأفراد والمجتمعات في الوقت الحالي، وقد سمعنا وقرأنا عن أرقام الهدر الغذائي المفزعة والتي تخل بميزان الاقتصاد وتخريب البيئة وذلك في ظل ما يشهده العالم من صراعات وكوارث بيئية ومجاعات.

إن أهمية الحفاظ على النعمة لا تقتصر على فرد أو مجموعة فهي مسؤولية مشتركة تبدأ من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع الغير ربحي والأسرة وصولاً للأفراد.

النعم بمفهومها العام تشمل الأكل والشرب والملابس والورق وكافة الموارد الطبيعية، ويتصدرها الهدر في الغذاء حيث تعد مشكلة النفايات الصادرة منه أحد أكبر التحديات التي تواجهها البشرية في الوقت الحاضر.

مشكلة هدر الطعام ليست مجرد مشكلة بيئية، بل هي أيضاً مشكلة اقتصادية واجتماعية، لأن إنتاج الطعام يتطلب موارد هائلة من الماء والطاقة والأراضي الزراعية، وبالتالي عندما نهدر الطعام، فإننا نهدر أيضاً تلك الموارد التي نحتاجها من أجل تلبية احتياجاتنا الغذائية، وهذا يعني تبديد المال العام والجهود التي بُذلت لإنتاج تلك الأطعمة.

إضافة إلى ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار التأثير الاجتماعي لهدر الطعام، ففي حين أننا نرمي الطعام في سلة المهملات، هناك العديد من الأشخاص من حولنا وفي العالم يعانون من الجوع والفقر.

لذلك، علينا المسارعة بعزم لمواجهة مشكلة هدر الطعام، مع تبنى ممارسات استدامة في إعداد الطعام وتخزينه وتوزيعه، وترشيد الانفاق أثناء التسوق خصوصا في المواسم وعروض التخفيضات، وتوعية الآخرين حول أهمية الحفاظ على الطعام وتقليل الهدر، والحرص على دعم المؤسسات والجمعيات التي تعمل على جمع الطعام الفائض وتوزيعه على المحتاجين.

وقد حرصت حكومة المملكة على توحيد الجهود عبر عدد من المبادرات ومنها “البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء” لتحقيق أحد مستهدفات رؤية 2030 بتقليل نسبة الهدر في الغذاء.

أخيراً لا يمكننا أن نتجاهل الحقيقة المريرة لتلك الكميات الهائلة من الطعام التي تلقى في الشوارع وعلى الأرصفة وسلة المهملات يومياً، إن هدر الطعام ليس مجرد فعل مؤسف، بل هو تجاوز واضح على حقوق الإنسان الأساسية للطعام، وعدم شكر للنعمة قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].